أمنية الحاج تكتب:جمال عبدالوهاب عوض الصقري: أيقونة الشرطة السودانية تُسدل الستار على مشوارها المضيء
العلا برس

بعد ثلاثة عقود من العطاء المتواصل، رحل اللواء جمال عبدالوهاب عوض الصقري عن ساحة العمل الشرطي، حاملًا في جعبته إرثاً من الانضباط والدقة، وقصصاً من التفاني في خدمة المجتمع، لتترك خطواته بصمة لا تُمحى في ذاكرة الشرطة السودانية والمجتمع المدني على حد سواء.
جمال، ابن حنتوب الجميلة ونتاج أرضها الطيبة، لم يولد فقط ليكون شرطياً، بل وُلد ليحمل راية الالتزام والانضباط في عروقه منذ نعومة أظافره . فوالده، العم الصقري، كان رجل المباحث الأشهر في ود مدني، وشقيقه الأكبر المرحوم الفاضل الصقري رجل يعرفه كل جهاز الشرطة ويشهد بدقته وصرامته. كان جمال إذن مولوداً في حضن الشرف الشرطي، وغرس فيه شريان الولاء والوفاء لمهنة تحولت إلى جزء من كيانه.
التحق جمال بكلية الشرطة في العام 1989، وتخرج فيها عام 1991، ليبدأ مسيرة من العطاء لم تنقطع حتى يومه الأخير في الخدمة برتبة لواء شرطة. لم تكن مسيرته مجرد ألقاب أو رتب، بل كانت شهادة على حزم القرار ودقة الملاحظة وقوة الشخصية، وهو ما جعل منه رمزاً يُحتذى به في كل موقع عمل فيه، وصاحب بصمة مميزة لا تُنسى.
من أبرز إنجازاته الإنسانية والإدارية، مشروع نقل جوازات مدني من موقعه المستأجر القديم إلى صرح فاخر يطل على التيل، مع مراعاة أقل التكاليف الممكنة، خدمةً للمواطنين وللكادر الشرطي على حد سواء. إنجاز يُبرز حسه العملي وإيمانه بأن العمل الإداري لا يقل شرفاً عن العمل الميداني، وأن خدمة الناس هي الهدف الأسمى.
جمال عبدالوهاب الصقري، شخصية حاسمة ودقيقة، يفرض احترامه بصمت، ويترك أثره بعمق. لقد أنبتته حنتوب وروته مدني، ليصبح إنساناً ورجل شرطة متكامل، قادراً على التأثير في كل من حوله، بحزم لا يقابل بالتسلط، وبقوة لا تعني قسوة، بل مسؤولية والتزاماً ووفاءً لمهنة اختارها، ولأرض أحبتها.
واليوم، بعد أن أسدل الستار على مشواره المهني، يبقى جمال الصقري رمزاً للشرطة السودانية ، رجلاً عظيماً في زمن قلّت فيه القيم، وبصمة ستظل مضيئة في صفحات تاريخ الوطن، تجسد معنى الوفاء، والانضباط، والإخلاص، والإنسانية في أرقى صورها.



